أكدت مصادر جامعة دمشق، على لسان رئيس قسم اللغة الروسية فيها، أن عدد الطلاب السوريين الذين يدرسون اللغة الروسية، وصل إلى 25 ألف طالب، في إحصائية تعود إلى منتصف الشهر الجاري، نقلتها "تشرين" التابعة لنظام الأسد، على لسان الدكتور هيثم محمود المسؤول عن اللغة الروسية في جامعة دمشق.
وتدرس اللغة الروسية في مدارس محافظات اللاذقية وحمص وطرطوس والسويداء وحلب. أما عدد دارسي الروسية في جامعة دمشق نفسها، فهو أقل بكثير من عدد دارسيها في المدارس الحكومية، حيث تم تخريج أقل من 30 طالباً جامعياً بشهادة اختصاص بالروسية، في السنوات الأربع الأخيرة.
ويشتكي عدد من مسؤولي جامعات النظام السوري، من كون اللغة الروسية تدرس أحياناً، على يد مدرسين روس، لا يحملون شهادة تؤهلهم لتدريسها للأجانب، وأن مؤهلهم الوحيد يكون في بعض الأوقات، هو أنهم يجيدون اللغة الروسية، وحسب، بصفتهم مواطنين روساً، لا بصفتهم مجازين جامعيين في مناهج التدريس.
وبحسب جامعة دمشق، فإن في ملاكها التدريسي، أستاذة واحدة فقط، تحمل شهادة الدكتوراه في اللغة الروسية.
ويعاني مسؤولو النظام السوري الموكلون بمهام ترويج وتدريس الروسية، من أزمات أخرى، في هذا السياق، وهو وجود كتاب جامعي واحد، يوزع كمقرر دراسي في تعليم الروسية على الطلاب، فيقوم 215 طالباً جامعيا بدراسته، موزعين على سنوات الدراسة الأربع، وأغلبهم في الأولى وبلغوا 90 طالباً.
الفارسية مدعومة من النظام الإيراني مباشرة
على الضفة الأخرى، من اللغات الأجنبية التي كثف النظام السوري اهتمامه بها، باعتبارها لغة حلفائه الذين قاتلوا معه ومنعوا سقوطه، تأتي الفارسية لتشكل عدد طلاب أكثر في المدارس السورية، نظراً إلى الميزانية الكبيرة التي خصصتها إيران، لترويج الفارسية في سوريا، كأداة لنشر نفوذها في البلاد وتعزيز هيمنتها على الجيل الشاب في سوريا، خاصة في مرحلة الحرب السورية وما تلاها من تصدعات في بنية المجتمع السوري نتيجة التهجير القسري وموجات اللجوء والنزوح المليونية.
لا توجد إحصائية رسمية لعدد دارسي الفارسية في سوريا، خاصة في المدارس التي تم تأسيسها في سوريا، باعتبارها (مدارس شرعية) إيرانية. لكن بالعودة إلى حجم الاستيعاب في المدارس والثانويات السورية التي أصبحت مقار التعليم الإيراني، والتي يتراوح فيها عدد الطلاب ما بين 700 طالب إلى 1000، فإن عدد دارسي اللغة الفارسية يفوق دارسي الروسية بكثير.
فقد سبق وأقفلت وزارة أوقاف النظام السوري عام 2017، مدرسة واحدة في اللاذقية، تدرس اللغة الفارسية في مدارس وثانويات تسميها طهران (ثانويات الرسول الأعظم في اللاذقية)، وكان عدد الطلاب المتأثرين بهذا الإقفال هو 720 طالبا تبعا لما ورد في شكوى جماعية للأهالي، يعبرون فيها عن سخطهم على قرار إقفال المدرسة الإيرانية، فوعدتهم أوقاف النظام بتوزيعهم على مدارس أخرى.
وفيما بدأت إيران منذ عام 2008، أو عام 2006، بافتتاح تعليمها الخاص باسم (مجمع الرسول الأعظم) وما يشرف عليه من معاهد و(ثانويات الرسول الأعظم في اللاذقية)، وتهدف تلك المدارس "لنشر العلوم الشرعية على مذهب آل البيت" حسب التعريف الرسمي لها والمنشور على موقعها الإلكتروني، فإن عدد تلك الثانويات هو 6، وهي على التوالي: مدرسة عين شقاق، مدرسة رأس العين، مدرسة القرداحة، مدرسة كرسانا، مدرسة سطامو، والثانوية المركزية الواقعة في مدينة اللاذقية وتسمى (ثانوية الرسول الأعظم الشرعية).
وتستوعب المدارس الست، في عام تعليمي واحد، 4200 طالب، كحد أدنى، فيما يكون الرقم الوسطي 5400 طالب في العام الدراسي الواحد.
ولا تعاني الفارسية من نقص الكادر التعليمي الذي تعاني منه الروسية، تبعاً لما صرح به رئيس قسم اللغة الروسية في جامعة دمشق، لأن الفارسية مستندة أصلا إلى مدرسين إيرانيين يجيدون العربية والفارسية، يأتون إلى سوريا للعمل "من منطلق جهادي عقائدي" بقصد ترويج نموذج "الخمينية الثقافية والسياسية" في الشام وجوارها العربي.
وعلى العكس من نشاط اللغة الروسية في سوريا نفسها، فإن المراكز الثقافية الإيرانية والتي تطلق عليها طهران اسم "مستشاريات" فهي بؤر ترويج خالصة للنموذج الخميني، وجميع العاملين في "المستشاريات" الثقافية هم "مجنّدون" في خدمة أهداف الثورة الخمينية، وبقيادة مرشدها الحالي، علي خامنئي.
في حين تعمل المراكز الثقافية الروسية على تعزيز التواصل الأدبي، في المقام الأول، من خلال ترويج الأدب الروائي الروسي بصفة خاصة، ويليه الشعري ثم الفلسفي، فإن المستشاريات الإيرانية هي "كتائب" إيديولوجية تتنقل بين المحافظات السورية "وفي المناهج، ولا يعنيها الأدب إلا ما يكون مروّجاً للثورة الخمينية" بحسب أحد الطلاب السوريين من منطقة جبلة اللاذقانية، الذي قال لـ"العربية.نت" إن ترويج "المنهج الإيراني واللغة الفارسية، يتم عبر استغلال فقر أبناء المنطقة الذين فقدوا إما أبا أو أخا أو معيلا بسبب الحرب" ولم يعد لديه أي إمكانية للإنفاق على التعلم إلا في الثانويات الإيرانية التي تقيم دورات مجانية في الفارسية، قبل دخولهم إلى تلك المدارس التي تلتزم العربية في منهجها، بحسب الطالب المذكور.
ومن خلال التصريح الرسمي الذي أدلى به رئيس قسم اللغة الروسية في جامعة دمشق، حول عدد الطلاب الدارسين للغة الروسية في مدارس سوريا، والبالغ 25 ألف طالب، فإن عدد دارسي الفارسية، هو ضعف عدد دارسي الروسية في سوريا، تبعا لحجم الاستيعاب في المدارس الإيرانية، وتبعا لسنة البدء، وهي عام 2008، والبعض يرجح عام 2006، مع توالي قرارات الأسد بافتتاح فروع لمدارس (الرسول الأعظم) منذ عام 2014 الذي شهد إدخال التعليم الإيراني إلى قلب المنطقة الساحلية في (جبلة). ليكون الرقم التقريبي لعدد الذين درسوا الفارسية، في المدارس التابعة لحكومة النظام السوري، يتراوح بين 40 و50 ألف طالب، هذا مع عدم احتساب عدد دارسي الفارسية بشكل غير رسمي، وبدون لوائح بأسماء الطلاب، في المناطق التي تنتشر فيها ميليشيات إيران، في دير الزور على الحدود السورية العراقية، أو في حمص، أو في بعض مناطق حلب وغيرها من مناطق سورية.
يذكر أن وزارة أوقاف النظام السوري كانت أصدرت، عام 2017، قرارا يلزم جميع المدارس المرخصة تحت بند "التعليم الشرعي" ومنها مدارس إيران في سوريا، باتباع خطة وزارة التربية السورية وما يصدر من الأوقاف حول ضوابط التعليم الديني، مع التهديد بالإقفال في حال عدم الالتزام بمنهج وزارة التربية. وعرف في هذا السياق، إقفال مدرسة إيرانية واحدة، في اللاذقية، عام 2017، ثم توقف الكلام في أروقة النظام السوري الإعلامية والإدارية، عن موضوع الإقفال، وخرج الموضوع من التداول، كلياً، منذ ذلك الوقت.