أشعلت الرقابة على الرواية السعودية، فتيل الاختلاف بين روائيين سعوديين أمس الأربعاء، في أمسية عن الرواية الوجدانية، نظمتها وزارة الثقافة في نادي جدة الأدبي، حيث انقسمت آراؤهم ما بين مؤيد ومعارض، مع مناقشة تأثيرها على حرية الإبداع لدى الكاتب السعودي.
في الوقت الذي أكد فيه الكاتب خالد الباتلي على أهمية تشديد الرقابة، وأيدته في ذلك الكاتبة السعودية انتصار العقيل، ضمن مداخلتها بعد الأمسية، من منطلق وجود روايات قد تحذف منها عبارات لا تؤثر في الحبكة الدرامية، في حين ارتفع صوت الكاتب السعودي عادل الدوسري والذي اعتبر الرقابة الموجودة في الأدب المحلي مفروضة على المعنى وليس على الشكل والنص.
وقال الدوسري: "لم تتسبب القيود في إيقاف نشر الرواية السعودية، إلا أنها حدّت منه، فثمة روائيون تعرضوا للإقصاء من المشهد الثقافي والأدبي، والعديد من الحملات الشرسة ضدهم في زمن من الأزمان".
العدو اللدود للأدب
وانتقد تأويل وتحريف عبارات الكاتب من قبل عقليات بعض أفراد المجتمع المحلي، وهو ما دفع بالعديد من الروائيين السعوديين إلى نشر أعمالهم في الخارج، لا سيما وأن دور النشر المحلية كانت في وقت ماض، تعاني من نفس الشيء، مشدداً على "ضرورة أن يتمتع من يتولى عملية فسح الكتب، بالقراءة والثقافة والاطلاع، خاصة وأن التأويل يعد العدو اللدود للأدب، كونه يحد من إبداع الكاتب ويجبره على استخدام مفردات مبتذلة ومتكررة".
من جانبها، أوضحت الكاتبة السعودية جمانة السيهاتي، أن المتلقي لديه ثقافة التعميم والتأويل، وأضافت: "كل الأحداث في الكتب والروايات موجودة في المجتمع حتى ولو بنسبة 1%، ولكن القضية المتعلقة بالكاتب ليس بالضرورة تعميمها على كل المجتمع"، مبينة أن الرواية السعودية أصبحت في دائرة مغلقة لا يمكن الخروج منها بسبب المتلقي وليس الكاتب.
أحداث واقعية
أمام ذلك، لخص الكاتب السعودي سليمان مسعود، عناصر الرواية الوجدانية الناجحة في وجود الفكرة والشخصيات بأهدافها ومهامها في الرواية لخلق تسلسل روائي صحيح، إلى جانب الحبكة والمكان والزمان والسرد والخاتمة الصحيحة.
وفي حديث لـ"العربية.نت" قال: "ينبغي على الكاتب تقديم روايات قريبة من الجمهور والمجتمع والشباب لجذب أكبر قدر ممكن من قراء الجيل الجديد، وضرورة أن تخدم الفكرة شريحة كبيرة في المجتمع من خلال تجسيدها لأحداث واقعية مطعمة بالخيال شريطة أن تناقش مواضيع تهم الشباب".
مغامرة
وحول مدى تقبّل المجتمع المحلي للرواية الوجدانية، علّق خالد الباتلي بقوله: "حتى أفلام الأكشن أصبحت بها خطوط عاطفية، فالرواية الوجدانية ليست بالضرورة عن علاقة الرجل والمرأة، وإنما قد تكون عن حب الوطن والذات وأشياء كثيرة تساعدنا في توسيع الدائرة للخروج بروايات يحتاجها الجيل الجديد بشكل أكبر من الأجيال السابقة".
ورغم لجوء العديد من الروائيين إلى تحول رواياتهم لأفلام أو مسلسلات بهدف الترويج لها بشكل أكبر، وصف الكاتب عادل الدوسري تلك الخطوة بـ"المغامرة"، وخلال حديثه لـ"العربية.نت" قال: "ثمة روايات تحولت إلى مسلسلات أو أفلام لم تكن بجمال الرواية سواء كانت أجنبية أو عربية، لا سيما وأن وللمخرج أو المنتج اعتبارات مختلفة تماماً عن كاتب العمل، قد تفسد الرواية، إلا أنه في المقابل هناك تجارب حققت نجاحاً في هذا الجانب، وهو ما يجعل القضية بدون نسبة معينة".
زيادة عدد القراء
وفي ظل الحراك الثقافي الذي تشهده السعودية في الآونة الأخيرة، اعتبرت الكاتبة جمانة السيهاتي، أن هذا الحراك ساهم بشكل كبير في زيادة أعداد القراء، وبالتالي فإن فرصة دخول أسماء جديدة على الأدب السعودي متاحة وبقوة، بعد أن كانت دائرته مغلقة لفترات طويلة على أسماء محددة.
وقالت لـ"العربية نت": الرواية الوجدانية لا تعتمد على جنس الكاتب وإنما تعتمد على الموهبة، وبما أن هذا النوع من الروايات يشمل جوانب كثيرة فإنها من المفترض أن تكون في متناول أيدي الجميع باعتبارها تلامس العاطفة أياً كان تصنيفها.
وتابعت: "إذا كان الكاتب يرغب في التوجه لأكبر شريحة من المتلقين، ينبغي عليه أن لا يكون منغلقا على نفسه، ولابد من تقبله لكافة الآراء، خاصة وأنه يمثل وجهة نظر الأدب العربي بشكل عام".
جلسة حوارية
وكانت أمسية الرواية الوجدانية، قد استضافت كلاً من خالد الباتلي وعادل الدوسري وسليمان مسعود و جمانا السيهاتي، ضمن جلسة حوارية، تطرقوا من خلالها إلى مراحل تطور الرواية السعودية والمدارس التي أثرت عليها، إلى جانب أدوات وعناصر كتابة هذا الفن من الروايات.
كما نظمت وزارة الثقافة، معرضاً مصغراً عرضت فيه السير الذاتية للمتحدثين، وبعض العبارات المؤثرة المقتبسة من روايات وجدانية عالمية، فيما كانت الموسيقى حاضرة بمعزوفات من أشهر أغاني أم كلثوم.