كواليس جنيف 8: ما لا يروى على الشاشة

حصلنا خلال جولة جنيف 8 على تسريبات حصرية من داخل ، تضمنت محضر جلسة "عاصفة" بين المبعوث الدولي ستيفان ووفد ، وهو ما أتى مفاجئا للأطراف المشاركة، خاصة أن جنيف 8 على عكس الجولات السابقة اتسمت بتعتيم إعلامي كبير، ابتعدت معه الوفود عن الإدلاء بما يجري داخل الغرف المغلقة، لكن هذه التسريبات التي أحدثت إحراجا للأطراف كافة انعكست أيضا على فريقنا، فاتهمنا من قبل فريق المبعوث الدولي ومن قبل عدد من المفاوضين بمحاولة تدمير المفاوضات "المتعثرة أساسا"!

وفقاً للتسريبات التي نشرناها صباح الخميس 12 كانون الأول/ديسمبر، طلب دي ميستورا من المعارضة مساعدته على تحجيم مسار #سوتشي الروسي، قائلاً إنهم فقدوا الدعم الدولي، معتبراً أن تطبيق القرار الدولي 2254 لم يعد واقعياً وبالتالي طالبهم بقبول صفقة "مشبوهة" سيعرضها على نظام ، تقضي بمناقشة سلة الدستور فقط وتجميد باقي السلال، وهو ما يتعارض مع القرار الدولي.

بعد ساعات على نشرنا التسريبات خرج أعضاء وفد #المعارضة مساء متوجهين إلى مبنى الأمم المتحدة.. على غير عادتهم لم يُلق ِ أحدهم السلام علينا، رغم وجودنا أمام الفندق لإجراء بث مباشر، أشاح معظمهم وجوههم نحو الجهة المقابلة وكأننا أخطأنا بحقهم، سبقت ذلك بساعات محاولة بعضهم معرفة المصدر الذي سرب الخبر "الكارثة" الذي غيّر مسار التفاوض وفقاً للوفد ذاته.

جلسنا بعد مغادرة الوفد معتقدين أننا خسرنا مصادر لطالما زودتنا بأخبار عن المحادثات، لكننا في فريق "العربية" لم نندم على نشرنا تلك التسريبات، فالمشاهد من حقه أن يعرف كل صغيرة وكبيرة، خاصة المواطن السوري، ملايين السوريين يتعلقون بأخبار جنيف علها تأتي لهم بسلام طال انتظاره، كما شعرنا بسبب كل التعتيم غير المسبوق بأننا أمام جولة أكثر خطورة وفعلا على عكس سابقاتها لم تنته ِ كما بدأت، بل بصورة أكثر تشاؤما، بسبب رفض النظام التفاوض وفشل المبعوث الدولي بالضغط على الطرف الآخر بعد افتضاح الأمر.

ساعتان قضيناهما غارقين بحثاً عن كيفية شرح موقفنا أمام الوفد حين عودته، وطريقة إقناعهم أننا ـ كقناة إخبارية ـ مهمتنا نقل ما يجري فقط، وما يمكننا الحصول عليه، مهما كان مؤلماً أو محرجاً للبعض طالما أنه سيساهم برسم الصورة الكاملة.

عاد الوفد بعد انقضاء الساعتين الطويلتين فعلاً، وبدأ أعضاؤه بالسير نحو الفندق، لكن ما لم يكن متوقعاً هو أن معظمهم توجهوا إلينا فور وصولهم وحاولوا شكرنا دون ذكر السبب، كان ذلك صادماً لنا فعلاً، ما الذي بدل الجفاء بالحرارة، إشاحة الوجه بكلمات الشكر والمديح؟


تبين لاحقاً أن المبعوث الدولي كان أكثر الأطراف تضرراً مما كشفناه وليس وفد المعارضة، فما قاله كان خارجاً عن الخطاب الدبلوماسي ويتعارض مع مهمته، فما كان منه إلا أن تقدم باعتذار رسمي للمعارضة فور وصولها، مؤكداً أن كلامه فُسر بطريقة خاطئة، وأنه كان يحاول فقط إنقاذ ما يمكن إنقاذه من المفاوضات، بأي طريقة، بسبب تعنت النظام وفقا لدي ميستورا، كما أعلن سحب مقترحه المثير للجدل، وتعهد بتوجيه اللوم لنظام #الأسد لتعطيل المفاوضات في حال استمر برفضه لها، وهو ما حدث فعلا في مؤتمره الصحافي الأخير مساء الخميس الرابع عشر من ديسمبر.

لكن بقيت نقطة واحدة حاولنا شرحها للساسة آنذاك، وهي أننا كما لم نكن نسعى لإحراجهم .. لم نكن نسعى لمساعدتهم كذلك.

اشترك فى النشرة البريدية لتحصل على اهم الاخبار بمجرد نشرها

تابعنا على مواقع التواصل الاجتماعى