صدى الإبداع.. تشابه الألوان وتناقض المعاني

لوحتان فنيتان بين ثورة الشباب للوطن وأمل الأطفال بالمستقبل، فرّق الواقع بين مضامينهما وقرّب الرسم بالفحم بينهما عبر عرضهما على مكعب رباعي الأضلاع يجمع النقيضين، في مدخل معرض "صدى الإبداع" بقرية الفنون والحرف بمدينة .

وبذات التناقض عرضت مئة لوحة فنية بعضها بشكل تقليدي على الجدران، وبعضها الآخر ثُبّت على مكعبات تظهر أربع لوحات متباينة، مع إبراز بعض التناقضات بين لوحات المكعبات والجدران عبر امتداد بصري.

وتزيد إضاءة المكان الخافتة والأقواس المستطيلة المزينة بمقتنيات عديدة وقد توسطتها بعض اللوحات، من الإحساس بمتضادين في لوحة واحدة، كما تجسدها صورة الكهلين وقد أشقتهما قساوة الحياة بلوحة تظهر في نهاية المشهد، بينما تتصدر المقدمة لوحة أخرى لطفلة ضاحكة وهي ترتدي ثوبا فلسطينيا مطرزا.

91259c5bc7.jpg
جمع المعرض بين متناقضات الفرح والحزن والأمل والألم بطرق متعددة (الجزيرة نت)

مزج بصري
ولا يقتصر المزج البصري للوحات على التناقض بأسلوب العرض، لكنه يشمل مضامين المعرض برمته، بين لوحات مغرقة بالكآبة كاللجوء والبؤس والقهر وبين لوحات تطفح منها معاني الحياة كالحب والشعر والغناء.

وبهذا الأسلوب تم الجمع بين لوحات البورتريه لفنانين كمحمد عساف وكاظم الساهر وقادة ثورات مثل وتشي جيفارا وشعراء أمثال محمود درويش وتميم البرغوثي، وذلك عبر تشابه لوني متوازن وفق وصف عصام مخيمر المشرف على 25 شابا وشابة نفذوا لوحات هذا المعرض ضمن ما أسموه فريق فناني المستقبل.

وبينما يعتبر المشرف الفني في حديثه للجزيرة نت أن عدم التزام المعرض بفكرة واحدة جعل الفن والجمال هو البارز بصرف النظر عن تشابه المضامين أو تناقضها، يؤكد أن إبراز درجات الظل والنور من خلال الأسود والرمادي والأبيض زاد من القيمة الفنية للوحات وتلوينها البصري.

وفي إطار التنوع الواسع للوحات المشاركة في المعرض حضرت أوجاع الفلسطينيين ولكن بصورة مختلفة هذه المرة، تتجاوز المعاناة والآلام إلى غرس الآمال وريها بالإرادة والإصرار أملا في مستقبل مشرق.

7bf716bf45.jpg
فتحي غبن أحد أبرز الفنانين التشكيليين الفلسطينيين (الجزيرة نت)

أهوال الحرب
وهي رسالة عبرت عنها لوحات الفنانة ريم الخطيب بأشكال عديدة، لعل أبرزها تجسيدها لشاب بترت قدمه اليسرى فحول حذائه إلى حوض ورود يسقيها بيديه غير عابئ بأكوام الركام والدمار المحيطة به، وليس بعيدا لوحة عجوز بانت أسنانه من ابتسامته العريضة رغم أهوال الحرب.

وبرزت بالمعرض لوحات تعبر عن الأطفال من دون خيط واحد يجمع بين تفاصيلها سوى الإيحاء بالطفولة بفرحها وحزنها، فلوحة تظهر وجه طفل يمسح دمع قهره بيده وثانية لصغير تزين بالكوفية بابتسامة جميلة، وأخرى لوجه ينظر نحو المستقبل من نافذ الأمل.

ويثني فتحي غبن، أحد أبرز الفنانين التشكيليين الفلسطينيين، على أسلوب المزج بين طريقة العرض على الجدران والمكعبات، إضافة إلى فكرة المشاركة الجماعية الواسعة لفنانين هواة ومحترفين، ما زاد من تنوع الأفكار وتعدد الإبداعات الفنية.

وبينما يتحدث الفنان التشكيلي للجزيرة نت عن نجاح الفنانين في الخروج من شرنقة الألم المحكم على تفاصيل حياتهم، إلى ساحة رحبة من الجمال والمكونات البصرية المريحة، يعتبر مكونات المعرض مؤشرا جديدا على أن غزة "قلعة الفنانين، فالفن العظيم لا يخرج إلا من ألم أعظم".

اشترك فى النشرة البريدية لتحصل على اهم الاخبار بمجرد نشرها

تابعنا على مواقع التواصل الاجتماعى