كتب حسين زلغوط في “اللواء”:
ينتظر أن يعود الاستحقاق الرئاسي الى واجهة الاهتمام مع بداية العام المقبل وبزخم كبير، ولا سيما ان الموفدين القطري والفرنسي بصدد العودة الى لبنان بعد انقضاء عطلة الأعياد وفي جعبتهما مقترحات وضعاها كل على حدى نتيجة جوجلة المواقف التي سمعاها من المسؤولين اللبنانيين في جولاتهما السابقة، بالإضافة الى أفكار ممكنة من «اللقاء الخماسي» هي نتائج مشاورات في ما بين الدول الممثلة في هذا «اللقاء».
وإذا كان الأفق ما زال غير واضح المعالم لما سيؤول إليه الملف الرئاسي في خضم التطورات التي تعصف في المنطقة ، غير ان المسؤولين اللبنانيين تلقّوا في الأسابيع الأخيرة عبر قنوات دبلوماسية، وخلال لقاءات رئيس حكومة تصريف الأعمال نجيب ميقاتي في زيارته الأخيرة الى المؤتمر ومشاركته في مؤتمر حول المناخ، نصائح دولية بأن استعجلوا في انتخاب رئيس، قبل أن تؤدي المستجدات في المنطقة الى تجميد هذا الملف لأشهر إضافية، كون أن العالم المنشغل بهذه المستجدات لن يبقى ينتظر لبنان لمساعدته، وهو سيسقط من أجندة الاهتمام الخارجي، وهذا بالطبع سيفتح الأمور على كل الاحتمالات التي سيكون في وقتها أحلاها مُرّ.
وفي هذا السياق فإن مصادر سياسية متابعة لم تعد ترى من مبرر في الاستمرار في اعتماد الأبواب المقفلة، وانه لا بد من التحاور والتفاهم للخروج من المأزق الرئاسي، لأن الخارج الذي أخفق في المساعدة منذ شهور عدة، لن يقدّم لنا الحلول السحرية، وهو ينتظر ما نحن فاعلون لكي يمدّ لنا يد العون، مشيرة الى ان وزيرة خارجية فرنسا كاترين كولونا التي عّرجت في حديثها مع من التقت بهم في بيروت على الملف الرئاسي من دون أن تقدم أي أفكار، تاركة هذه المهمة للموفد الرئاسي جان إيف لودريان، لكن حديثها جاء من باب إسداء النصح بضرورة الإسراع في انتخاب رئيس قدر الإمكان لأن المنطقة على فوهة بركان، وان أي دعسة ناقصة من قبل أي طرف من الأطراف المعنية بالصراع القائم حاليا سيؤدّي الى انفجار حرب شاملة.
ولا ترى المصادر أي وجه من وجوه التشابه بين الذي حصل في البرلمان وانتهى الى التمديد سنة لقائد الجيش وقادة الأجهزة الأمنية، والذي تم نتيجة توافق آنيّ بين جهات سياسية لا يمكن أن تعود وتلتقي على انتخاب الرئيس، فلكل استحقاق له حساباته الداخلية والخارجية، وبالتالي يكون واهم من يعتقد بان ما حصل في جلسة التمديد يمكن أن ينسحب على جلسة الانتخاب، وهذا يقود الى القول بأن الأفق ما زال مقفلا أمام التسوية الرئاسية أقلّه على المستوى الداخلي، متوقعة أن تكون الساحة اللبنانية على موعد مع مجموعة من الزيارات لموفدين دوليين معنيين بدءاً من الشهر الأول من العام المقبل، مع تشديدها على أنّ ذلك لا يعني اننا سنكون أمام حلّ في وقت قريب، نظراً إلى أنّ غالبية القوى، ما تزال تتمترس وراء مواقفها، لا بل ان البعض منها زاد تصلّباً، إضافة الى ان قوى أخرى لا تزال تراهن على التحولات الخارجية، التي كانت منذ البداية لاعباً أساسياً في هذا الاستحقاق الرئاسي.
وتؤكد المصادر ذاتها ان الحل والربط في انتخاب رئيس في لبنان ليس في يد الفرنسيين وحدهم ولا في يد القطريين أيضا، نعم هذين العاملين يساعدان، لكن مفتاح الحل معروف أين هو موجود، في الولايات المتحدة وإيران، وهذا الأمر يعلمه الجميع، فانتخاب رئيس ربما يبقى متعذّرا ما لم تتأمّن له المناخات الأميركية والإيرانية الملائمة، وعدا ذلك يبقى مجرد مضيعة للوقت وارتفاع في منسوب عداد الشغور الرئاسي.
من هنا فان المصادر ترى ان الضوء الأخضر لانتخاب رئيس لم يُعطَ بعد دولياً، وأن هذا يحصل ضمن سلة متكاملة من الحل للكثير من الملفات المفتوحة في المنطقة، لافتة الى ان المسؤولين اللبنانيين لديهم القدرة على إنتاج رئيس من صنع لبنان في حال تركوا الرهان على الخارج وركنوا الى لغة الحوار بدلاً من سياسة الأبواب المغلقة.