يؤكّد التومي لـ "العربي الجديد" أن السنوات لم تمحُ الماضي، خصوصاً إذا تعلق الأمر بالقضية الفلسطينية. ينتقد الدول العظمى المساندة لإسرائيل، لافتاً إلى أنّ "تأييد التونسيين للقضية الفلسطينية ليس نتاج اليوم، بل تعود جذوره إلى عام 1948. بالتالي، لا يمكن لأي حدث يهم الفلسطينيين أن يمر من دون أن يؤثّر على العرب والتونسيين تحديداً، ففلسطين هي العرب والعروبة".
يضيف الشيخ السبعيني أن "الرئيس السابق الحبيب بورقيبة كان حكيماً في خطابه في أريحا في 3 مارس/ آذار في عام 1965. في ذلك الوقت، نصح الفلسطينيين بقبول التفاوض واتباع سياسة المراحل لتحقيق آمال العرب في فلسطين"، مضيفاً أن "الزعيم انتقد تمسك العرب بما يسمى الكل أو لا شيء، وأنه كان على العرب أن يقبلوا التقسيم، لأنهم لو فعلوا، لكانوا في حالة أفضل مما هم عليه ولتمكنوا من استعادة ولو جزء من الحقوق المسلوبة منهم".
لم يؤثّر القرار الأميركي باعتبار القدس عاصمة لإسرائيل ونقل السفارة الأميركية من تل أبيب إلى القدس، على هذا الشيخ التونسي فحسب، إذ أعرب آلاف التونسيين عن رفضهم المطلق لما حدث، وخرجوا في مسيرات حاشدة في غالبية المحافظات التونسية. بالنسبة إليهم، القدس عاصمة فلسطين. حتى أن الأطفال تابعوا ما حدث، وخصصت معظم المدارس في البلاد تحية صباحية لفلسطين، ورُفع العلمان التونسي والفلسطيني، وتابعوا بكل اهتمام ما يحدث في القدس، وخرجوا في مسيرات سلمية، وأعربوا عن مساندتهم للفلسطينيين.
أما ليلى، وهي ربة بيت في عقدها الرابع، فكانت تسير مع طفلها الصغير البالغ من العمر8 سنوات، وتحاول أن تشرح له بطولات الفلسطينيين وتضحياتهم من أجل القدس. تقول إنها لا تجد الكلمات المناسبة لتعبر عن مدى انشغالها بما يحصل في فلسطين، وأملها بنصرة الشعب الفلسطيني. تضيف أن أي عربي مسلم يتأثر بما يحصل في فلسطين، ولا يمكن وصف هذا الحب لأن العلاقة وجدانية وروحية. وتوضح أن القرار الأميركي مسّ العرب في وجدانهم. لذلك، خرجت مسيرات من كافة أنحاء العالم، لافتة إلى أن "الاعتراف خطير ويشكل تهديداً واضحاً للأمة الإسلامية والعربية واستفزازاً للمشاعر".
كانت أماني تتحدّث بحماسة كبيرة. تقول إنها تُتابع ما يحدث على الساحة، والمسيرات التي تجوب العالم "القدس ليست عاصمة إسرائيل، بل هي للفلسطينيين والعرب". تُقاطعها نورس عزيزي (15 عاماً)، وتقول: "صُدمنا كعرب ومسلمين. القدس لفلسطين وللعرب، وستعود إليهم ذات يوم". وتوجّه رسالة من أطفال تونس إلى أطفال فلسطين، تدعوهم فيها إلى الصمود، وعدم الاهتمام ببطش الإسرائيليين، ومواصلة النضال إلى حين تحرير القدس وفلسطين. أما الطفل ريان سالم (8 أعوام)، فيقول إن أميركا اتخذت هذا القرار بالتنسيق مع إسرائيل، مشيراً إلى أن أميركا تريد استغلال القدس لاستعمار بقية البلدان العربية.