في هذا الصدد، كشفت مصادر ليبية مقرّبة من معسكر اللواء المتقاعد خليفة حفتر، أن "مشاورات انطلقت منذ أشهر عدة بين قيادات بارزة في معسكر حفتر ومسؤولين روس، بشأن إقامة قاعدة عسكرية روسية، على الأراضي الليبية". وأوضحت المصادر أن "ليبيا كانت مطروحة كخيار قوي في منطقة شمال أفريقيا لإقامة قاعدة روسية على أراضيها، خصوصاً في ظل حالة الانفلات التي تشهدها، مما سيسهّل مهمة الدب الروسي في الوصول لهدفه". وأضافت أن "المشاورات بين حفتر والمسؤولين الروس في هذا الصدد وصلت لمراحل متقدمة"، مرجّحة أن "يتم اتخاذ خطوات عملية في إقامة القاعدة قريباً، تحديداً في ضوء القرار الروسي بسحب القوات التابعة لموسكو من سورية". وأكدت المصادر أن "التحرك الروسي يأتي في إطار مساعي موسكو لتعزيز تواجدها في الشرق الأوسط، لتحقيق توازن في معادلة القوى العالمية، مع الولايات المتحدة".
" الخبراء الروس الذين كانوا يقدمون دعماً فنياً لقوات حفتر، عاينوا بعض المواقع في الشرق الليبي " |
وفي شأن الاتفاق السياسي المُوقّع في مدينة الصخيرات المغربية قبل عامين، والذي سينتهي مفعوله في غضون أيام قليلة، قال سيالة إنه "تناول مع نظيره الروسي جميع أوجه الأزمة السياسية في ليبيا مع المسؤولين الروس"، مبدياً أمله أن "توافق الأطراف الليبية على تعديلات الاتفاق، إضافة إلى عقد جلسة مكتملة لمجلس النواب لاعتماد التعديلات على اتفاق الصخيرات". وكشف عن "وعد روسي بدعم سياسي للمفاوضات بين الأطراف الليبية". أما لافروف فلفت إلى أنه "ناقش مع سيالة عودة الشركات الروسية إلى السوق الليبي للتطوير والإعمار"، كاشفاً عن "تواصل مستمر بين ليبيا وروسيا، وهناك تحضيرات تجري لترتيب زيارة لوفد من رجال أعمال روس إلى ليبيا".
وذكرت مصادر ليبية أن "الخبراء الروس الذين كانوا يقدمون دعماً فنياً لقوات حفتر، قاموا بمعاينة ودراسة بعض المواقع والقواعد على ساحل البحر المتوسط في الشرق الليبي، لبحث إمكانية إقامة قاعدة جوية وبحرية على غرار قاعدة حميميم في سورية، لتقديم العون لقوات حفتر من جهة واستعادة النفوذ الروسي من جهة أخرى في تلك المنطقة".
في هذا السياق، أوضح دبلوماسي غربي متواجد بالقاهرة، أن "مصر سعت خلال العام الحالي للاستفادة من تقاطعات العلاقات الخاصة بعدد من القضايا"، متابعاً أن "مصر ضغطت على إيطاليا لإعادة سفيرها إلى القاهرة بعد سحبه على ضوء قضية مقتل الباحث جوليو ريجيني، من خلال تواجدها القوي في الملف الليبي، وبعثها برسائل توحي بتسهيل تحركات روسية رامية للعب دور قوي في الملف الليبي".
في المقابل سعت القاهرة بحسب الدبلوماسي الذي تحدث لـ"العربي الجديد"، لـ"استغلال تلك العلاقات المتشابكة، وعقد ما يشبه الصفقة مع موسكو بحيث تفتح لها الطريق نحو ليبيا، مع تحقيق عدد من المكاسب، منها إعادة السياحة الروسية لمصر واستئناف الرحلات الجوية بعد تعليقها منذ سقوط طائرة روسية تحمل 224 شخصاً من شرم الشيخ في جنوب سيناء إلى سان بطرسبرغ في أكتوبر/تشرين الأول 2015. وأعلن وقتها تنظيم ولاية سيناء الذي يمثل فرع تنظيم الدولة داعش في مصر مسؤوليته عن إسقاط الطائرة".
وكان قائد القوات الأميركية في أفريقيا الجنرال توماس والدهاوسر، قد أكد في تصريحات أمام مجلس الشيوخ في مارس/آذار الماضي، أن "روسيا تحاول بسط نفوذها في ليبيا لتعزز سطوتها في نهاية المطاف على كل من يمسك بزمام السلطة". وبسؤاله عما إذا كان في مصلحة الولايات المتحدة أن تترك ذلك يحدث قال "لا".
" والدهاوسر: روسيا تحاول بسط نفوذها في ليبيا لتعزز سطوتها على كل من يمسك بزمام السلطة " |
مع العلم أن الحكومة الروسية نشرت الخميس الماضي مسودة اتفاق بين روسيا ومصر، للسماح للطائرات العسكرية للدولتين بتبادل استخدام المجال الجوي والقواعد الجوية. وتضمن المرسوم الحكومي الموقّع في 28 نوفمبر/تشرين الثاني الماضي أمراً لوزارة الدفاع الروسية بإجراء مفاوضات مع المسؤولين المصريين وتوقيع الوثيقة بمجرد توصل الطرفين لاتفاق.
إلا أن أحد شيوخ القبائل الليبية الداعمة لحفتر في الشرق الليبي، والحاضر دائماً في اجتماعات مع قيادات عسكرية في معسكر حفتر وأخرى بجهاز الاستخبارات الحربية المصرية، قال لـ"العربي الجديد"، إنه "خلال اجتماعات غير معلنة مع القبائل، كان يتم تداول الاهتمام الروسي بالمنطقة، والحديث بشأن إمكانية تواجد مكثف لخبراء وضباط روس إلى جانب قوات حفتر دون تحديد لشكل هذا التواجد".